بالتأكيد أن قدرتك على التغيير والتطور تبدأ من توظيف قدراتك العقلية. فكل المفاهيم والطباع نشأت في عقلك. وشكّل عقلك مواصفات شخصيتك. فإن أردت أن تغير حياتك فعليك أن تعيد صياغة سماتك وعاداتك.
مرونة إحداث تغيير تمنحك طرق صياغة عادات جديدة. كما تساعدك على تعديل تصرفاتك، واكتساب مهارات تتوافق مع احتياجك لمواجهة أهدافك في حياتك. مع كل تجربة أو تحدٍ تواجهه، يعمل عقلك على خلق روابط عصبية جديدة أو تقوية الروابط القائمة. وهذا يزيد من قدرتك على التعلم والتكيف والنمو المستمر في أداء شخصيتك.
ما هي المرونة العصبية؟
المرونة العصبية هي قدرتك على تعديل خرائط المعلومات في عقلك. كما تساعدك على تحسين وظائف المراجعة لتجاربك اليومية. عندما تبدأ بممارسة نشاط جديد أو تكرار سلوك معين، يقوم عقلك بتكوين روابط عصبية جديدة. ومع مرور الوقت تتحول هذه الروابط إلى مسارات ثابتة تشكّل عادة أو مهارة مكتسبة.
المرونة تساعدك على بناء عادات صحية أو اجتماعية مثل ممارسة التواصل الاجتماعي أو التعلم السريع. وهي تفسر أيضًا لماذا يصعب عليك التخلص من العادات السلبية مثل التدخين أو الإفراط في استخدام الأجهزة الذكية أو التشتت الذهني والتسويف.
المرونة العصبية وتكوين العادات
إن العادات لا تتشكل فجأة. بل تنمو تدريجيًا مع التكرار وتشكل روابط عصبية. عندما تلتزم بسلوك إيجابي مثل النوم المبكر أو ممارسة النشاط البدني، يعيد عقلك تكوين شبكات عصبية جديدة. ومع الاستمرار تصبح هذه الشبكات مستقرة لسلوكك. وبذلك يتحول السلوك إلى عادة آلية يسهل الالتزام بها دون جهد كبير.
ولكن للمرونة العصبية جانب آخر. فهي أيضًا قادرة على ترسيخ العادات السلبية إذا واصلت تكرارها. وهذا يفسّر صعوبة التخلص من بعض السلوكيات الضارة مثل التدخين أو الإفراط في استخدام الأجهزة الذكية.
اكتساب مهارات وأساليب جديدة
بإمكانك ممارسة المرونة أو التدرب على تقبل التغيير وتعلم مهارات جديدة في أي مرحلة عمرية. سواء كنت تتعلم لغة أجنبية، العزف على آلة موسيقية، أو حتى قيادة السيارة. فكل مهارة تتطلب منك إنشاء مسارات عصبية جديدة في عقلك.
في البداية قد تشعر بصعوبة. لكن مع التدريب والممارسة المستمرة تنجح في إنشاء مسارات جديدة. وبعد ذلك تتحول المعلومات إلى سلوك مهاري. ثم يصبح السلوك تلقائيًا. وهنا يكمن سر المرونة العصبية في تحويل الجهد الواعي في التعلم إلى أداء مكتسب.
عقلك لا يتوقف عن التعلم
على عكس الاعتقاد الشائع بأن الدماغ يتوقف عن التطور بعد الطفولة، تُظهر الدراسات أن تطوير عادات المرونة العصبية يمكن أن يستمر طوال الحياة. هذا يعني أنك قادر دائمًا على التعلم والتطور والتعافي في أي مرحلة من مراحل حياتك.
وهذه الحقيقة تمنح الأمل لمن تعرّضوا للسكتة الدماغية أو إصابات الدماغ. حيث يمكن لعقلك، من خلال برامج إعادة التأهيل، أن يدرّب نفسه على إعادة توزيع الوظائف بين مناطق مختلفة لتعويض ما فُقد.
كيف تستفيد من المرونة العصبية في حياتك؟
المرونة العصبية تمنحك القدرة على النمو والتطور في أي مرحلة من حياتك. كرّر السلوكيات الإيجابية بانتظام حتى تصبح جزءًا من عاداتك اليومية. نشّط عقلك بتعلم مهارات جديدة أو حل الألغاز.
ابدأ بالاهتمام بمرونة تقبل وممارسة السلوكيات الإيجابية. تعلّم أن تتعرّف بهدوء ووعي. مارس الانضباط والانتباه الواعي على حركاتك. وحدد اختياراتك بدقة، وتصرف بما يقبل التغيير.
الخاتمة
إن المرونة العصبية هي سرّ قدرتك على تكوين عادات جديدة. وهي أيضًا مفتاح اكتساب مهارات مختلفة والتطور الذهني المستمر. كل تجربة جديدة تخوضها تُعيد تشكيل عقلك وتمنحه مسارات عصبية أقوى وأكثر كفاءة.
لذلك، استثمر في الممارسات الإيجابية مثل التعلم المستمر، الرياضة، والتدريب الذهني. فبذلك تمنح نفسك عقلًا مرنًا قادرًا على التكيف ومواجهة التحديات.
➡️ وإذا كان الخوف من الفشل يمنعك من التغيير، يمكنك الاطلاع على مقال: كيف تتغلب على الخوف من الفشل وتبدأ تحقيق أهدافك