تأثير الذكاء الاصطناعي على سلوك المراهقين: بين التحديات والفرص

Young black girl using a digital tablet
ما هو الذكاء الاصطناعي؟ الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) هو قدرة الأنظمة والبرمجيات على “التفكير” وتحليل البيانات واتخاذ قرارات بطريقة تُشبه الإنسان. اليوم، دخل الذكاء الاصطناعي في تفاصيل حياتنا اليومية، من تطبيقات الهاتف الذكية، إلى التعليم، مرورًا بالصحة النفسية. بالنسبة للمراهقين، فهم الجيل الأكثر تفاعلًا مع هذه التقنيات، مما يجعل تأثير الذكاء الاصطناعي على سلوكهم أمرًا يستحق التوقف عنده.
كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على الصحة العقلية والسلوك لدى المراهقين؟
- التعرض المستمر للخوارزميات الموجّهة
تعتمد منصات مثل TikTok وInstagram وYouTube على خوارزميات ذكاء اصطناعي تختار محتوى يناسب اهتمامات المستخدم. هذا التوجيه المستمر قد يدفع المراهق نحو سلوكيات مثل المقارنة الدائمة أو السعي للشهرة، مما يؤثر على ثقته بنفسه وصورته الذهنية.
- العزلة الاجتماعية الرقمية
رغم أن التكنولوجيا تهدف للتواصل، إلا أن الإفراط في استخدام التطبيقات الذكية قد يبعد المراهقين عن التفاعل الواقعي مع أسرهم وأصدقائهم. وقد يؤدي هذا الانفصال إلى شعورهم بالوحدة وزيادة احتمال الإصابة بالاكتئاب أو القلق الاجتماعي.
- الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لحل المشكلات الشخصية
بدأ بعض المراهقين يلجؤون لتطبيقات الدردشة الذكية (Chatbots) عند مواجهة مشكلات شخصية، بدلًا من الحديث مع الأهل أو الأشخاص الموثوقين. ورغم أن هذه الأدوات قد تساعد مؤقتًا، فإنها لا تعوّض التفاعل الإنساني الحقيقي، وقد تُفاقم المشكلة عند استخدامها بشكل غير مدروس.
- التأثير على مهارات اتخاذ القرار
الاعتماد الزائد على الذكاء الاصطناعي يُضعف قدرة المراهق على التفكير النقدي. فعلى سبيل المثال، قد يتخذ قرارات مهمة بناءً على نتائج بحث أو توصيات تطبيق، دون أن يُحللها أو يُراجعها بنفسه.
- تعزيز أو إضعاف القيم الشخصية
يعرض المحتوى الموجّه المراهقين لقيم قد تتعارض مع قيم مجتمعهم. وقد يدفعهم أحيانًا إلى تبنّي أفكار سلبية مثل التنمر أو التطرف. وفي أحيان أخرى، يتبنون قيمًا إيجابية مثل التسامح والمساواة. كل ذلك يعتمد على نوع المحتوى الذي يتعرضون له ومدى وعيهم في التعامل معه.
كيف يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحة العقلية؟
- تطبيقات التشخيص المبدئي
توفر بعض التطبيقات الحديثة قدرة على تحليل مزاج المستخدم من خلال نبرة صوته أو طريقة كتابته. وتُطلق هذه التطبيقات تنبيهات مبكرة في حال وجود مؤشرات على القلق أو الاكتئاب. يمكن استخدام هذه الأدوات كجزء من خطة الدعم النفسي، لكنها لا تُغني أبدًا عن التقييم المباشر من مختص.
- العلاج القائم على الذكاء الاصطناعي (AI Therapy)
تقدم أنظمة مثل Woebot وWysa دعمًا نفسيًا يشبه أسلوب العلاج المعرفي السلوكي (CBT). وقد تسا عد هذه الأدوات المراهقين على البدء بالتعبير عن مشاعرهم. لكن من الضروري استخدامها تحت إشراف الأهل أو المختصين التربويين.
- تحليل البيانات السلوكية
تستطيع تقنيات الذكاء الاصطناعي تتبع أنماط النوم أو النشاط البدني باستخدام الأجهزة القابلة للارتداء. وتُسهم هذه المراقبة في كشف العلامات الأولى للمشكلات النفسية أو السلوكية، مما يُسهّل التدخل قبل أن تتطور.
- الدعم الفوري في الأزمات
بعض التطبيقات تستشعر نبرة الصوت أو الكلمات المستخدمة في اللحظات الحرجة، مثل التفكير الانتحاري. وتقوم فورًا بتوجيه المستخدم لطلب المساعدة أو التواصل مع الجهات المختصة.
ما هي إيجابيات استخدام الذكاء الاصطناعي في رعاية المراهقين؟
رغم التحديات، لا يمكن إغفال الفوائد الكبيرة للذكاء الاصطناعي إذا استُخدم بوعي وضمن إطار تربوي داعم:
- سهولة الوصول إلى الدعم النفسي
يشعر بعض المراهقين بالخجل من الحديث المباشر عن مشاعرهم. تساعد أدوات الذكاء الاصطناعي في توفير بداية آمنة وسرية، تشجعهم على التعبير عن أنفسهم دون خوف أو حرج.
- تحسين المتابعة اليومية
تسمح بعض التطبيقات الذكية للمراهقين بتسجيل مشاعرهم بشكل يومي. هذا التتبع يساعد الأهل أو المختصين على فهم الحالة بشكل أعمق، ووضع خطة توجيهية تناسب احتياجاتهم.
- زيادة الوعي الذاتي لدى المراهق
عندما يستخدم المراهق أدوات الذكاء الاصطناعي بطريقة مناسبة، يتعلم كيف يلاحظ مشاعره ويعبّرعنها بشكل صحي.
- دعم الأسرة والمربين
تعرض بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي تقارير منتظمة تُوضح سلوك الأبناء للأسرة. تساعد هذه التقارير الأهل على التدخل مبكرًا إذا ظهرت مؤشرات خطر.
- تحسين جودة البيانات للتدخل المبكر
توفر أدوات الذكاء الاصطناعي بيانات دقيقة للمختصين في التربية. تساعد هذه البيانات في تصميم خطط دعم فعالة تستجيب لحاجات كل حالة.
التوازن هو الحل
المشكلة ليست في الذكاء الاصطناعي نفسه، بل في كيف نستخدمه ومع من نسمح له باستخدامه.
من المهم أن نُنمّي عند المراهق مهارات التفكير النقدي. يجب أن يعرف أن التكنولوجيا مجرد وسيلة، وليست بديلًا عن العلاقات الإنسانية أو طلب المساعدة عند الحاجة.
كيف يمكن للمراكز التربوية أن تدعم الأسر والمراهقين؟
تقدم المراكز التربوية برامج وورش عمل مخصصة لدعم الأسر في:
- فهم تأثير التكنولوجيا على سلوك المراهق
- التعامل مع القلق أو العزلة الرقمية
- تطوير مهارات التواصل وتنظيم الوقت
- تعزيز الصحة النفسية باستخدام أدوات ذكية بإشراف تربوي آمن
كما توفر جلسات توجيه فردية وجماعية، وأنشطة تفاعلية لتعزيز الوعي الرقمي لدى الشباب وأولياء الأمور.
هل تلاحظ تغيرات في سلوك ابنك بسبب كثرة استخدام التكنولوجيا؟ لا تنتظر حتى تتفاقم المشكلة. تواصل معنا الآن للحصول على دعم توجيهي مناسب.
خلاصة
الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مفيدة أو خطيرة، حسب طريقة استخدامه. كمربين وأهل، مسؤوليتنا أن نواكب هذه التقنيات ونعلم أبناءنا كيف يتعاملون معها بوعي. لا تتردد في طلب المساعدة إذا لاحظت أي تغيّر على سلوك المراهق أو حالته النفسية. وجود دعم مناسب يصنع فرقًا كبيرًا في رحلة التوازن النفسي والتربوي.